السيدة… الافغانية
mcgd
مارس 18, 2020
كلام عالوتر
1,169 زيارة
كلام عالوتر
( قصة قصيرة )
بقلم/ زينة جرادي
السيدة… الافغانية
لملمت حاجياتها واوراقها الثبوتية وجواز سفرها الافغاني وكتبت له ورقة صغيرة جاء فيها :
انتهت علاقتي بك وبات من الواجب ان انسحب من حياتك فلا اريد ان اكون رقما مضافا الى النساء اللواتي عرفتهن وستتعرف عليهن وانا متنازلة عن كل
حقوقي الشرعية معك بشرط ان ترسل لي ورقة طلاقي على جامعتي في بريطانيا لاني قررت استكمال رسالة الدكتوراة . الامضاء / طليقتك عائشة .

بكلمات مقتضبة ورسالة خفيفة موجزة اختصرت عائشة حياتها الزوجية مع الدكتور حسام الطبيب الجراح المشهور مفضلة الانسحاب من حياته بعد ان علمت بأنه على علاقة غرامية مع احدى طالباته في الجامعة بأميركا . تزوجته عائشة في مايو من العام 2006 يوم كانت بيروت تئن وجعا من هول الحرب التي شنتها اسرائيل على لبنان , فكانت كل الظروف المحيطة بالاجواء تنذر بالخطر ويومها كانت عائشة مبعوثة من احدى محطات التلفزة الاجنبية الاوروبية لتغطية الاحداث ومواكبة مجريات الحرب في ظل تداعيات دولية . تعرفت على الدكتور حسام في مقهىى متواضع في بيروت بمنطقة الحمرا يوم تحرش بالكلام معها ومنذ تلك اللحظة باتا صديقين ثم حبيبين وتوغلت خلال فترة التعارف بينهما في تفاصيل حياته فعلمت بأنه مطلق من ابنة عمه وعنده منها صبية في التاسعة من عمرها وعلمت بأنه كان على علاقة بمديرة قسم الجراحة في الجامعة الفرنسية يوم كان طالبا وهي تكبره بحوالي ستة عشر عاما وان هذة العلاقة ما زالت تعني له الكثير وبالرغم من كل هذة الحقائق غامرت وتزوجت به وسافرت لتكون الى جانبه , ترعاه وتسانده . نسيت عائشة حياتها وسحر فتنتها وروعة جمالها وتخلت لاجل حبيبها وزوجها عن فرصة دورها كمذيعة على اعرق شاشة في اوروبا كما تنازلت عن حجابها لكي لا تسبب له احراجا في المجتمع الاوروبي بعد ان اشتهر وذاع صيته .
بدأ حسام يحصد نجاحات متقدمة فذاع صيته ومهارته كجراح لبناني لامع يصنع المعجزات وكانت عائشة مسرورة بهذا الانجاز العظيم له وتعتبر بان لها اليد الطولى فيه , وذات يوم هاتفتها ابنتها من زوجها الافغاني واعلمتها بأنها قادمة الى لندن لتكمل دراستها الجامعية وان والدها قد توفى ولن تعيش مع خالتها زوجتة. كانت عائشة محرومة من وحيدتها منذ خمسة عشر عاما وكان زوجها قد رفع عليها دعوى حجر بعد طلاقه منها يمنعها فيها من رؤية الابنة , وبعد زواجها من الدكتور حسام حاولت مررا الاتصال بفلذة كبدها لكن طليقها الافغاني كان يمنعها من تحقيق هذة الامنية .
نبأ قدوم شريفة الى حضن امها خلق حالة من الحبور وسعادة جامحة عند الام المحرومة من رؤية ابنتها , فقضت الليلة ما قبل وصول الزائرة صاحية لا تنام وهي ترسم صورا وصورا لابنتها , خصوصا وانها باتت في التاسعة عشر من عمرها , اي جاءتها عروسا بعد ان تركتها طفلة . عند السابعة مساء كانت في المطار بلندن بكامل اناقتها وجمالها تستقبل الغالية القادمة اليها من بعد سنوات طويلة من الحرمان وكان استقبال الدكتور حسام وترحيبه بها يفوق الوصف .
بدأت هذة العائلة حياة جديدة مليئة بالالفة والمحبة , فتحمست عائشة وعادت الى مقاعد الدراسة في الجامعة لتكمل الدكتورة في الاعلام الدولي بينما انتسبت شريفة الى قسم الطب في ولاية ميشغن فكانت من الطالبات في صف الدكتور حسام حيث رعاها بمعاملة خاصة . كانت العلاقة ما بين الطبيب المدرس وطالبته كناية عن العلاقة التي ما بين الاب وابنته الى ان تعرفت شريفة على زميلها الاميركي مايكل فلاحظ الدكتور حسام بان العلاقة بينهما تأخذ منحنى آخر وانها بدأت تميل اليه وترغب بمساكنته فنشبت الخلافات وبدأت شريفة تتمرد على القيم والتقاليد الشرقية الموروثة بحثا منها عن نافذة تهرب فيها الى احضان العشيق الاميركي واكتشف الدكتور حسام بأن الصبية الفاتنة بدأت تدمن المخدرات مع شلة من الصائعين في الجامعة مما خلق الكثير من الخلافات داخل الاسرة حتى وصلت الحال الى تركه البيت الزوجي والاقامة في احد الفنادق . وقعت عائشة في حيرة من امرها وباتت مشاعرها مبتورة ما بين زوجها وابنتها الى ان استطاعت التوفيق بين الاثنين واعادة المياه الى مجاريها بينهما , فابتعدت شريفة عن حبيبها مايكل وركزت اكثر على جامعتها الا ان هذا التغيير المفاحىء اثار ريبة الام خصوصا وانها بدات تلاحظ تغييرات جانبية بالنسبة الى مشاعر حسام حيالها وتتلمس تصرفات غريبة في سلوكياته وكذلك الحال بالنسبة لوحيدتها لكنها كانت دوما تكذب نفسها الى ان كبست الفضحية يوما بام العين واكتشفت بان زوجها على علاقة بكريمتها وفي سريرها فجن جنونها وقامت خناقة شرسة بينها وبينهما عجز فيها حسام الدفاع عن نفسه او تبرير فعلته الشنعاء وعلى اثر الخلاف لم تتمالك عائشة اعصابها فصفعت شريفة الما طير عقلها فاسرعت وحزمت متاعها وغادرت البيت . خرجت شريفة بحالة متوترة عصبية فقادت السيارة بسرعة جنونية ومن شدة انهيارها لم تستطع السيطرة على فرامل السيارة فاصطدمت بقاطرة كبيرة فارقت على اثر الاصطدام الحياة ..
مرت شهور على رحيل شريفة والام عائشة غارقة في احزانها غير مستعدة لمواجهة زوجها او التقائه ولما وجدت نفسها ممتعضة من الاستمرار في علاقتها الزوجية معه ومن شدة حبها له قررت ان تترك له هذة الرسالة مبللة بدموع الفراق .